والفتوى رد على من شكك في فضل قيام ليلة النصف من شعبان. تفاصيل

وكيف نرد على من يشكك في فضل قيام ليلة النصف من شعبان بحجة أن هناك ضعفا في أسانيد الأحاديث الواردة في فضلها؟ دار الفتوى

وما رواه بعض المتكبرين والمشككين في فضل هذه الليلة المباركة مرفوض. وفي فضلها أحاديث وأحاديث، ولا يقبل التحدي في إضعاف كل ما قيل عن فضلها في هذه الليلة. وإذا كان هناك ضعف في بعض الأحاديث، فقد صحح المحافظون بعضها الآخر، مع أننا نقبل ضعف بعض الأحاديث المذكورة. وقاعدة الحديث أن الأحاديث ذات الإسناد الضعيف تقوى بمجموعها، وإن لم تقوى بمجموع القصص وتعدد الطرق. جواز العمل بالأحاديث الضعيفة في الفضائل هو قول جمهور العلماء قديما وحديثا، ولذلك لا يجوز إنكار فضل هذه الليلة، ولا يجب الأخذ بآراء هؤلاء المشككين. داخل الحساب.

التفاصيل ….

وقد وردت عدد من الأحاديث والأحاديث في فضل قيام ليلة النصف من شعبان. وأهمها: ما رواه الترمذي وابن ماجه عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم. صلى الله عليه وآله ذات ليلة، فذهبت أبحث عنه، فإذا هو بالبقيع، فرفع رأسه نحو السماء، فقال: يا عائشة، هل كنت تخافين أن يظلم الله؟ لك؟” ورسوله؟ فقلت: ليس هذا ولكني ظننت أنك جامعت بعض نسائك. قال: «إن الله عز وجل ينزل من شعبان إلى السماء الدنيا نصف الليل فيغفر لأكثر من عدد شعر شاة كلب».

وروى البيهقي في “شعب الإيمان” عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إذا وهو النصف من ليلة شعبان ينادي مناد: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطي؟ لا تسأل شيئا إلا أعطته إلا زاني بفرجها أو مشرك».

وأما ما قيل من التشكيك في فضل هذه الليلة بحجة ضعف الأحاديث الواردة عنها؛ والجواب على ذلك: ليس الإسناد كله ضعيفا، بل صحّح بعضه عند أهل العلم.

وحتى لو سلمنا بضعف أجزائها الفردية، فإن قاعدة الحديث هي أن الأحاديث ذات الإسناد الضعيف تقوى بالكل؛ وقد فسر بعض العلماء هذا المعنى؛ وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية في “”اقتضاء الصراط المستقيم”” (2/136 ط دار علم الكتب – بيروت): [وليلة النصف من شعبان قد رُوِي في فضلها من الأحاديث المرفوعة والآثار ما يقتضي أنها مُفَضَّلة، وأنَّ من السلف من كان يخصّها بالصلاة فيها، وصومُ شهر شعبان قد جاءت فيه أحاديث صحيحة، ومن العلماء من السلف من أهل المدينة وغيرهم من الخلف من أنكر فضلها، وطعن في الأحاديث الواردة فيها؛ كحديث: «إنَّ الله يغفرُ فِيها لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعرِ غَنَمِ كَلْبٍ»، وقال: لا فرق بينها وبين غيرها، لكن الذي عليه كثيرٌ من أهل العلم، أو أكثرهم من أصحابنا وغيرهم على تفضيلها، وعليه يدلّ نص أحمد؛ لتعدّد الأحاديث الواردة فيها، وما يُصَدِّق ذلك من الآثار السلفية، وقد روي بعضُ فضائلها في المسانيد والسنن، وإن كان قد وضع فيها أشياء أخر] أوه.

قال العلامة المباركفوري في “تحفة الأحوذي” (3/367 ط دار الكتب العلمية) -بعد أن نقل أحاديث ليلة النصف من شعبان-: [فهذه الأحاديث بمجموعها حجةٌ على من زعم أنه لم يثبت في فضيلة ليلة النصف من شعبان شيء] أوه.

قال الإمام الرائد الشيخ محمد زكي الدين إبراهيم في رسالته: “”ليلة النصف من شعبان في ميزان الصدق العلمي” (طبعة العشائر المحمدية) – بعد أن ذكر عددا من الأحاديث الواردة فيه -: [ومثل هذا كله لا يقال بالرأي، كما هو معلوم عند العلماء، وهذه الأحاديث -وإن كان في بعضها ضعف أو لين- فهي مجبورة ومعتضدة بتعددها واختلاف طرقها وشواهدها، وهكذا تأخذ رتبة الحسن على الأقل، فيُؤخذ بها فيما هو أخطر من موضوعنا هذا] أوه.

فإذا سلمنا بضعف ما ورد في فضل قيام ليلة النصف من شعبان، ولم نعززه بمجموع الروايات وتعدد الطرق، فجواز العمل به والحديث الضعيف في الفضائل هو قول جمهور العلماء قديما وحديثا؛ قال الإمام عبد الرحمن بن مهدي: إذا روينا الثواب والعقاب وفضائل الأعمال خففنا الأسانيد وتسامحنا مع الرجال، وإذا روينا الحلال والحرام والأحكام. . ، نحن نتشدد في سلاسل النقل وننتقد الرجال. أوه. “مقدمة كتاب الأكاليل” للحاكم النيسابوري (ص٢٩، نشر دار الدعوة بالإسكندرية).

قال الإمام أحمد بن حنبل: [إذا رُوينا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشدَّدنا في الأسانيد، وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضائل الأعمال، وما لا يضع حكمًا ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد] أوه. “الكفاية في علم الرويان” للخطيب البغدادي (ص١٣٤، ط.المكتبة العلمية بالمدينة المنورة).

قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في “علوم الحديث” (1/103 ط دار الفكر): [يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد، ورواية ما سوى الموضوع من أنواع الأحاديث الضعيفة، من غير اهتمام ببيان ضعفها، فيما سوى صفات الله تعالى، وأحكام الشريعة من الحلال والحرام وغيرهما؛ وذلك كالمواعظ، والقصص، وفضائل الأعمال، وسائر فنون الترغيب والترهيب، وسائر ما لا تعلق له بالأحكام والعقائد، وممن روينا عنه التنصيص على التساهل في نحو ذلك: عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل رضي الله عنهما] أوه.

قال العلامة ابن حجر الهيتمي في “”الفتح المبين في شرح الأربعين”” (ص ٣٢ ط دار المنهاج) – بناء على قول الإمام النووي: العلماء هم اتفقوا على جواز العمل بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال -:[لأنه إن كان صحيحًا في نفس الأمر فقد أُعطي حقه من العمل به، وإلا لم يترتب على العمل به مفسدة تحليل ولا تحريم، ولا ضياع حق للغير] أوه.

قال الحافظ السخاوي في “القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع” صلى الله عليه وآله وسلم (ص255 ط دار تراث الريان): [سمعت شيخنا -يعني: الحافظ ابن حجر- مرارًا يقول -وكتب لي بخطه-: إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة؛ الأول: متفق عليه؛ أن يكون الضعيف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين، والمتهمين بالكذب، ومن فحش غلطه. الثاني: أن يكون مندرجًا تحت أصل عام، فيخرج ما يخترع؛ بحيث لا يكون له أصل أصلًا. الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي صلي الله عليه وآله وسلم ما لم يقله] أوه.

وعلى هذا: فكلام من شكك في فضل قيام ليلة النصف من شعبان لا محل له. وتشجيع الناس على الطاعة خير من إغلاق الأبواب في وجوههم.

Leave a Comment