أثار ظهور ملثمين مسلحين وهم بملابس مدنية في شوارع رفح، تكهنات بشأن هويتهم والجهة التي ينتمون إليها والأسباب التي تقف وراء إقدامهم على هذه الخطوة.
وتعهد المسلحون الملثمون بـ”العمل على خفض الأسعار والحفاظ على الأمن والاستقرار”، وذلك في مدينة نزح إليها أغلب سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة.
ويعد الجيب الحدودي مع مصر آخر المدن التي لم تنفذ فيها القوات الإسرائيلية عملية برية، إلا أن إسرائيل أعلنت مرارا خلال الأيام الماضية عزمها التوغل في رفح.
ووسط تأكيد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، على محورية الخطوة، فإن تحذيرات دولية وإقليمية لم تتوقف خلال الأسابيع الأخيرة، خشية تفاقم الأزمة الإنسانية، واحتمالية عملية عبور المدنيين إلى داخل مصر.
وتحدث محللون لموقع “الحرة”، في محاولة لاستيضاح سبب هذا الظهور للملثمين المسلحين في رفح، وما إذا كانت مهمتهم داخلية فقط، أو ربما رسالة إلى إسرائيل بأن حركة حماس باقية وتمارس أدوارها التي كانت تقوم بها قبل السابع من أكتوبر، رغم دخول الحرب شهرها الخامس.
من هم الملثمون؟
وقال أحد الملثمين في مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن القوة الجديدة “تحمل اسم لجنة الحماية الشعبية، وهي تابعة لوزارة الداخلية، ونزلت على الأرض لتعزيز دور الوزارة وحفظ الأمن والأمان”.
وتابع: “نطمئن شعبنا أن النزول هو للعمل على خفض الأسعار والحفاظ على الاستقرار”. ولم تعلن حماس بشكل رسمي أن هؤلاء المسلحين يتبعون الحركة.
نقلت وكالة رويترز عن أحد أعضاء المجموعة، إنهم “بدأوا دوريات في شوارع رفح لمنع التجار من استغلال الوضع والتربح، حيث ارتفعت الأسعار بشدة وسط شح الموارد الغذائية والمساعدات الإنسانية”.
وظهر الملثمون في لقطات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بملابس مدنية في الأسواق وكان حولهم عدد كبير من المواطنين، وربط بعضهم رأسهم برباط مكتوب عليه “لجنة الحماية الشعبية”.
وتعليقا على هذه الأحداث، قال المحلل الفلسطيني أشرف العكة، إن “عائلات رفح أصدرت بيانات حول ضرورة مواجهة استغلال التجار لظروف الناس، وسط حالة من الفوضى نتيجة الحصار والجوع وشح المواد الغذائية والطبية، مما جعل هناك حاجة إلى التدخل”.
وأوضح في حديثه لموقع الحرة، أن تلك العائلات في رفح “رفعت الغطاء الاجتماعي والعشائري والقانوني عن هؤلاء التجار، وأعطوهم تحذيرا نهائيا بسبب عمليات التخزين والاحتكار”.
ولفت إلى أن الفصائل الفلسطينية “رأت أنه يجب التدخل لملء الفراغ القائم، ووجدت ضرورة التدخل وإظهار وجودها العسكري بشكل واضح”.
وارتفعت الأسعار في غزة مع توقف دخول جميع الواردات التجارية بعد بداية القتال في أعقاب السابع من أكتوبر، ولا تصل إلا كميات محدودة من المساعدات الإنسانية.
الأمم المتحدة: ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة
قال مسؤول كبير في مجال المساعدات بالأمم المتحدة أمام مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، إن ما لا يقل عن 576 ألف شخص في قطاع غزة، يمثلون ربع السكان، أصبحوا على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
وقد يتمخض اتفاق مقترح تطبيقه مع بداية شهر رمضان في أوائل مارس، عن وقف للقتال للمرة الأولى منذ هدنة قصيرة في نوفمبر، وعن تخفيف لحدة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها القطاع.
ويناقش مفاوضون مقترحا وردت أنباء بشأنه عن هدنة مدتها 6 أسابيع، لكن حركة حماس قالت إن “خلافات كبيرة” ما زالت تعترض سبيل المقترح، وإنها ما زالت تطالب بوقف دائم للقتال، بحسب رويترز.
وحول هوية الملثمين الذين ظهروا في رفح، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، لموقع الحرة، إنه “من الواضح أنهم تابعون لحركة حماس، وما حدث رسالة للمتظاهرين بأنه لا تزال هناك قوة في قطاع غزة لن تسمح بالفوضى، خصوصا في ظل الجوع والقهر السائد وسط الناس حاليا، الذي يمثل ضغطا كبيرا عليهم حاليا”.
فيما أوضح العكة: “في تقديري ليست حماس فقط بل الفصائل الفلسطينية كلها، وهناك مجموعات شعبية بدأت تأخذ دورها. نحن نتحدث عن ملايين البشر، ويبدو أن هناك مجموعات حتى من النازحين”.
وأكد: “فئات اجتماعية وسياسية فصائلية أخذت دورها في الموضوع”.
رسالة داخلية أم لإسرائيل؟
يبدو أن خطوة ظهور المسلحين الملثمين في شوارع رفح يمكن أن تكون داخلية، لفرض المزيد من الانضباط في الأسعار وأيضًا لمواجهة المظاهرات التي اندلعت مؤخرا بسبب الأوضاع المعيشية.
وذكرت وكالة “فرانس برس”، الأربعاء، أن محتجين فلسطينيين أشعلوا النار في إطارات سيارات خلال مظاهرة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة في رفح.
كما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) مقطع فيديو أيضًا للاحتجاجات على رفع الأسعار، ظهر فيها مواطنون يحرقون الإطارات. وقال محتجون في المقطع، إن سعر كيلو السكر وصل إلى 80 و100 شيكل، والخميرة 100 شيكل (27.88 دولارا).
وقال الرقب في حديثه للحرة، إن خطوة ظهور الملثمين “خطوة موجهة أكثر للشارع الداخلي وليس للإسرائيليين. هناك 60 أو 70 بالمئة من سكان غزة في رفح، وبالتالي هناك خشية من خروج الشارع الفلسطيني ضد حركة حماس”.
وتابع: “ندرك الآن أنه لو وضعت الحرب أوزارها فالأمور لن تكون لصالح حماس”، مشيرًا إلى أن تلك الخطوة سيكون لها دور في “ضبط الأسعار وتقليل المظاهرات التي خرجت وانتقدت حماس مؤخرا، لكن لن يكون لها أي دور في المعارك أو الاشتباكات (مع إسرائيل)”.
ونقلت وكالة رويترز، الأربعاء، عن المواطن الفلسطيني، محمد أبو عماد (24 عاما)، قوله إن الشرطة “كانت مشهدا مألوفا في رفح إلى أن استهدفتها الغارات في الآونة الأخيرة، وكانت تشرف على تنظيم الطوابير الطويلة أمام المخابز والمتاجر والبنوك”.
وأضاف أنه “يشعر بالقلق من ظهور رجال ملثمين يفرضون النظام العام”، قبل أن يواصل: “يمكن أن يكون هذا أمر جيد، لكن نتمنى أن يتعاملوا جيدا مع الناس.. نتمنى أن تنتهي الحرب وتعود الشرطة الحقيقية”.
من جانبه، اعتبر العكة أن ما حدث هو “رسالة لإسرائيل” مفادها أن حماس،”بأذرعها المدنية والشرطية موجودة في قطاع غزة وتحديدا في رفح”.
وأضاف: “هناك ظرف موضوعي (ارتفاع الأسعار) وهناك رسالة سياسية باستمرار وجود حماس وحكمها الخدماتي والإداري وهي رسالة في غاية الأهمية في ظل المفاوضات الجارية”.
وتجاوزت حصيلة القتلى الذين سقطوا في قطاع غزة في الحرب عتبة “الـ30 ألفاً”، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة في القطاع، صباح الخميس.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، إن عدد القتلى “تجاوز الـ30 ألفاً” بعدما وصل إلى مستشفيات القطاع ليل الأربعاء-الخميس 79 قتيلا “غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن”.
حصيلة الحرب في قطاع غزة “تتجاوز 30 ألف” قتيل
تجاوزت حصيلة القتلى الذين سقطوا في قطاع غزة في الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حركة حماس منذ السابع من أكتوبر، عتبة “الـ30 ألفاً”، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس صباح الخميس.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، بعد هجمات شنتها حماس على إسرائيل، أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال.
وبينما تتكثّف الاتصالات من أجل التوصل إلى هدنة جديدة في قطاع غزة، تصر إسرائيل على أن عملياتها العسكرية في القطاع مستمرة حتى تتمكن من “القضاء على حماس”. وبدورها، تؤكد حماس أنها لن تطلق سراح المختطفين الذين تحتجزهم حتى توقف إسرائيل القتال.
وتشارك مصر وقطر والولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى في المحادثات الجارية بعيدا عن الأضواء والتي انتقلت بين القاهرة وباريس والدوحة. ويأمل الوسطاء في التوصل إلى وقف القتال قبل شهر رمضان، الذي يبدأ هذا العام في 10 أو 11 مارس.
وفيما يتعلق بظهور الملثمين المسلحين بملابس مدنية وليس بملابس تظهر أنهم تابعين لحماس، قال العكة إن “الوضع الأمني ليس سهلا، وبالتالي ظهروا بتلك الملابس، حيث يحتاج الوضع لعمل سري وليس الظهور بشكل علني، فهناك مسيرات واستهدافات إسرائيلية”.
ظهرت في الأصل على www.alhurra.com