مع تقدم اليسار في فرنسا وبريطانيا.. هل تتغير المواقف تجاه حرب غزة؟

على مدار أشهر الحرب في قطاع غزة، كانت المظاهرات تجوب شوارع بريطانيا وفرنسا بشكل كبير دعما للفلسطينيين، وذلك قبل أن تجري الدولتان انتخابات تشريعية أسفرت عن وصول اليسار، الذي يعد أكثر دعما للفلسطينيين، مما أثار تساؤلات بشأن ما ستكون عليه سياسات البلدين تجاه الصراع الأكثر تعقيدا في الشرق الأوسط.

في بريطانيا، قال وزير الخارجية الجديد، ديفيد لامي، إن بلاده ترغب في اتخاذ “موقف متوازن” إزاء الحرب في غزة، مضيفًا أنها ستستخدم جهودها الدبلوماسية لضمان التوصل إلى وقف لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع.

بالتزامن مع هذه التصريحات، كشف تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية، أن الحكومة الجديدة التي شكلها حزب العمّال، ستتخذ موقفا مخالفًا لسابقتها من حزب المحافظين، بشأن مذكرة مقدمة للمحكمة الجنائية الدولية، تتعلق بإمكانية إصدار الأخيرة مذكرة توقيف بحق قادة إسرائيليين.

واعتبر محللون تحدثوا لموقع “الحرة”، أن هذه الخطوة تمثل “تغيرا حتى لو قليلا” في التوجهات التي تتبناها الحكومة الحالية، على عكس سابقتها.

وفي فرنسا، كان الوضع أكثر إثارة، فبعدما تقدم اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان في المرحلة الأولى من الانتخابات المبكرة التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون، قلب تحالف القوى اليسارية النتيجة في الجولة الثانية وحصد الأغلبية.

وعلى الرغم من ذلك، رفض ماكرون، الإثنين، استقالة رئيس الوزراء غابريال أتال، طالباً منه البقاء وتصريف الأمور الجارية، غداة الانتخابات التشريعية التي شهدت فوز تحالف اليسار، من دون إحراز الغالبية المطلقة.

تقرير: حكومة بريطانيا الجديدة تتخذ موقفا مغايرا عن سابقتها بشأن الجنائية الدولية وغزة

كشف تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية، أن حكومة حزب العمل الجديدة من المقرر أن تتخذ موقفا مخالفًا لسابقتها من حزب المحافظين، فيما يتعلق بمذكرة أمام الجنائية الدولية حول إمكانية إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق قادة إسرائيليين.


إلا أن هناك خلافات حول عدة نقاط في التحالف اليساري الذي تم تأسيسه على عجل بعد قيام ماكرون بحل الجمعية الوطنية، بين اليسار الراديكالي في فرنسا الأبية والاشتراكيين والشيوعيين والخضر، وفق فرانس برس.

لكن التصريح الأبرز بشأن المسألة الفلسطينية كان من رئيسة الكتلة النيابية لحزب “فرنسا الأبية” ماتيلد بانو، التي أشارت إلى أنه “سيتم الاعتراف بدولة فلسطينية خلال أسبوعين”، حال تولي الحزب الحكومة الجديدة.

لكن يرى محللون أن “الأمر صعب”، نظرا لأنه لم يفز بالأكثرية وفي ظل المخاوف من زعيم اليسار المتطرف، جان لوك ميلانشون، الذي يوصف بأنه “استفزازي يتمتع بكاريزما، لكن ينفر منه البعض حتى في صفوف معسكره”، حسب فرانس برس.

وتدور محاولات بالفعل من أجل الوصول إلى مرشح يمكن التوافق حوله، ليقوم بترشيحه الرئيس ماكرون لقيادة الحكومة.

مقامرة ماكرون الانتخابية.. هل تنعكس على الصراع في غزة وسياسات الهجرة؟

تصدر تحالف “الجبهة الشعبية الجديدة” اليساري، نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية، في خطوة وصفها مراقبون بـ”المفاجأة”، وأنها قد تؤدي إلى المزيد من الانقسامات داخل الجمعية الوطنية (البرلمان)، خصوصا مع عدم خروج أي أغلبية مطلقة من صناديق الاقتراع.


تغيّر بموقف العمّال

قال المحلل السياسي المقيم في لندن، عمر إسماعيل، إن “هناك ثوابت استراتيجية في بريطانيا ومؤسساتها لا تتغير بمواقف الأحزاب، لكن الاختلاف يكون في طريقة التعامل مع هذه الملفات”.

وأضاف في حديثه لموقع “الحرة”: “حزب العمال في بداية معارك غزة اتخذ موقفا متشددا تجاه حماس، وكان داعما لإسرائيل بشكل مطلق مؤكدا أن لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكن مع ضغوط من كوادر الحزب والمؤسسات الاجتماعية والنشطاء المناهضين لحرب غزة، تغيّر الأمر، خصوصا بعدما خسر الحزب مقاعد في الانتخابات المحلية في مايو الماضي”.

وتابع إسماعيل: “حزب العمال غيّر موقفه بعض الشيء، وقال وزير الخارجية إنه من الممكن الاعتراف بدولة فلسطين، لكن بشرط الإفراج عن الرهائن في غزة وتهدئة الوضع الأمني ووقف ضربات حماس نحو الأراضي الإسرائيلية، حتى تكون هناك فترة من الهدوء لفتح الباب أمام مقترحات لإعادة إحياء حل الدولتين”.

وكانت صحيفة “غارديان” البريطانية قد أشارت في تقرير، الجمعة، أن شخصيات بارزة في حزب العمّال كشفت أن موقف الحزب بشأن حرب غزة كلفه مقاعد في الانتخابات الأخيرة، بعدما خسر 4 نواب بشكل غير متوقع لصالح مستقلين داعمين للفلسطينيين.

صورة أرشيفية لتظاهرة في بريطانيا دعما للفلسطينيين

فيما حذر جون ماكترنان، المستشار السابق لرئيس الحكومة البريطانية الأسبق، توني بلير، من هذه الرسالة التي أوصلتها قاعدة حزب العمال لقادته.

وقال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية، الجمعة: “حينما يخسر حزب العمال جزءا من قاعدته، سواء من ناخبي الطبقة الوسطى أو المناطق الحضرية أو الناخبين المسلمين، فإنه يتحاج إلى استراتيجية.. يجب أن تنظر إلى خسائرك وتدرسها لاستعادة قاعدتك”.

وبالفعل، خرج تقرير غارديان الذي أشار إلى أن الحكومة بقيادة كير ستارمر، من المتوقع أن تتخلى عن تحرك سابق لحكومة ريتشي سوناك، يسعى للطعن في سلطة المحكمة الدولية على إصدار مذكرات اعتقال بحق مواطنين إسرائيليين، في محاولة لتأجيل أي مسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، بسبب جرائم حرب مزعومة في قطاع غزة.

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، أن “ما حدث في بريطانيا بعد 14 عاما من غياب حزب العمال، بمثابة انقلاب ناعم على نظام الحكم الذي قاده سوناك”.

وتابع لموقع “الحرة”: “بالرغم أن الأمر قد لا يحدث فارقا كبيرا، فإنه انتصار لتضحية غزة. حتى الآن رئيس الحكومة الجديد لم يعط موقفا (واضحا)، لكن على أقل تقدير غيرت الحكومة من نهج سابقتها في قرارها بشأن الجنائية الدولية”.

وأوضح: “تغيّر بطيء.. لكنه تغيير”.

تقرير: نتانياهو يتجنب الهبوط في أوروبا خلال “رحلة واشنطن” خشية الاعتقال

كشفت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الأربعاء، أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، سوف يتجنب التوقف في قارة أوروبا خلال رحلته إلى الولايات المتحدة هذا الشهر، وذلك خشية الاعتقال المحتمل لو صدرت مذكرة من المحكمة الجنائية الدولية.


وكشفت هيئة البث الإسرائيلية في تقرير، الأربعاء، أن رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو “قرر عدم التوقف في أوروبا” خلال رحلته المقبلة هذا الشهر إلى الولايات المتحدة، خوفًا من الاعتقال حال صدور مذكرة اعتقال بحقه من المحكمة الجنائية الدولية.

هل يستفيد الفلسطينيون؟

قال إسماعيل إن تقرير “غارديان” لو صدق فهو “أمر يتماشى مع تصريحات لامي خلال توليه وزارة الخارجية في حكومة الظل، حيث كان يؤكد أنه حال صدور مذكرة اعتقال بحق نتانياهو فسيتم إلقاء القبض عليه إذا وصل بريطانيا”.

لكنه أضاف في حديثه لموقع “الحرة”: “حزب العمال تولى منذ أيام قليلة الحكم، وهناك شواهد تدل على جديته في العمل حتى في الملفات الداخلية والدولية، وهناك حراك وصدق في العمل، وسنرى ما إذا كان سينعكس ذلك على ملف غزة”.

واستطرد: “كثير من أعضاء الحزب حتى الآن في حالة عدم رضا عن ما يحدث في غزة، ويريدون من الحزب اتخاذ موقف واضح”.

واندلعت الحرب في قطاع غزة، إثر هجوم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى) غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر، مما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.

وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء على حماس”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أُتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل أكثر من 38 ألف فلسطيني، معظمهم نساء وأطفال، وفق ما أعلنته السلطات الصحية بالقطاع.

مصادر: تقدم ملحوظ في محادثات القاهرة بشأن هدنة في غزة

نقل موقع “مكان” العبري عن مصادر مطلعة أن المفاوضات التي تهدف إلى إبرام صفقة بين الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن المختطفين وتدشين هدنة في قطاع غزة قد أحرزت تقدما ملحوظا بعد يومين من المباحاثات في العاصمة المصرية القاهرة.


ويسعى الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى التوصل لوقف إطلاق نار في القطاع والإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، وذلك بالتزامن مع قرب الانتخابات الأميركية التي سيكون منافسه المحتمل فيها الرئيس السابق، دونالد ترامب.

وقال المحلل السياسي المقيم في لندن: “أميركا هي قاطرة السياسة العالمية وبالذات في الشرق الأوسط، ولن نرى شيئا قبل انتخابات نوفمبر المقبل”، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة الأميركية.

وواصل الرقب حديثه للحرة، قائلا إن “الأكثر وضوحا هو ما حدث في فرنسا، فبعد اقتراب اليمين بقيادة لوبان في المرحلة الأولى، تمكن اليسار الداعم للقضية الفلسطينية، من الفوز بالانتخابات”.

لكن هذا اليسار الفرنسي لم يشكل حكومة حتى الآن، رغم فوزه بالأكثرية البرلمانية، وسط مداولات جارية حاليًا من أجل اختيار مرشح لرئاسة الحكومة يعلنه ماكرون.

وقال الصحفي المقيم في باريس، أحمد عابدين، لموقع “الحرة”: “حزب فرنسا الأبية الحاصل على الأكثرية هو داعم للفلسطينيين، لذلك خرجت تصريحات متشائمة من إسرائيل بعد نتائج الانتخابات”.

واعتبر الرئيس الفرنسي أن تصريحات وزير الشتات الإسرائيلي، عميحاي شيكلي، حول الانتخابات العامة في فرنسا، تعد “تدخلا في الشؤون الداخلية” لبلاده.

وأشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، إلى أن ماكرون عبّر عن ذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في مكالمة هاتفية أجريت قبل الانتخابات.

وعقب ذلك، نشر وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر حسابه بمنصة إكس، منشورا قال فيه إن بلاده “لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية”.

لكن على الرغم من ذلك، واصل شيكلي تصريحاته بشأن الانتخابات الفرنسية حتى بعد خسارة لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات لصالح اليسار المتشدد.

ووصف مسؤول إسرائيلي شارك في الاتصالات بين البلدين، بأن سلوك شيكلي “قنبلة دبلوماسية”، كما قال عدد من الدبلوماسيين الآخرين لـ”هآرتس” إن الوزير “أضر بالعلاقات الفرنسية الإسرائيلية”.

رئيس وزراء فرنسا غابريال أتال قدم استقالته إلى ماكرون

وكان شيكلي قد تحدث في مقابلة، الإثنين، مع إذاعة الجيش، عن دعمه لزعيمة اليمين الفرنسي لوبان، قائلا إن “ماكرون ألقى بالجالية اليهودية أسفل الحافلة”.

ويواصل عابدين حديثه بالقول، إن “المشكلة حاليًا هي أن الكتلة الداعمة للفلسطينيين ووعدت بالاعتراف بدولتهم ليس من الواضح ما إذا كان ماكرون سيكلفها بتشكيل حكومة أم لا، لأنه لا يوجد ما يلزمه دستوريا بذلك، رغم أن العُرف في فرنسا هو دعوة الرئيس للكتلة الأكبر في البرلمان لتشكيل حكومة”.

لكنه أشار إلى أنه بالنهاية “أصبح هناك صوت أعلى لكتلة داعمة للفلسطينيين في البرلمان الفرنسي، ولو تمكنوا من تحقيق توافقات خلال العامين المقبلين، ربما يكون لهم تأثير في الانتخابات الرئاسية، وهذا هو الأمر الأهم”.

ودعت النائبة عن حزب فرنسا الأبية، كليمانتين أوتان، الأحد، نواب الجبهة الشعبية الجديدة، إلى اقتراح مرشح لرئاسة الوزراء، على ألا يكون الرئيس السابق فرنسوا هولاند، الذي انتخب نائبا، ولا جان لوك ميلانشون.

لكن القيادية بالحزب، ماتيلد بانو، اعتبرت أن ميلانشون البالغ من العمر 72 عاماً، “ليس مستبعدا على الإطلاق”، مشيرة إلى أنه “الشخص الذي علّم اليسار الفوز من جديد.. بحصوله على 22 بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية” التي جرت في 2022، وفق فرانس برس.

وبالفعل، بدأت الأطراف السياسية الفرنسية مداولات لتشكيل غالبية وتعيين رئيس للوزراء.

لكن ثمة مشكلة، تتمثل في عدم قدرة أي من الكتل من الحصول على الأغلبية المطلقة، وهي 289 مقعداً، بمفردها. فقد حصدت الجبهة الشعبية الجديدة (اليسار) على 190 مقعدًا، والمعسكر الرئاسي حوالي 160 مقعدًا، وحزب الجبهة الوطنية وحلفاؤه (اليمين المتطرف) على أكثر من 140 مقعدًا.

ظهرت في الأصل على www.alhurra.com

Leave a Comment