قال الجيش الإسرائيلي إن قواته دهمت مجمع مستشفى الشفاء في غزة، في عملية قالت السلطات الصحية الفلسطينية إنها أدت إلى مقتل عدد من الضحايا، وأشعلت حريقا شديدا في أحد المباني. وذكر الجيش الإسرائيلي أنه سيطر على المستشفى بالكامل. وأعلن الجيش في وقت لاحق عن مقتل جندي خلال العملية العسكرية.
وأضاف الجيش، بحسب ما ذكرته وكالة رويترز للأنباء، أن الجنود كانوا ينفذون “عملية دقيقة”، وأن النيران أطلقت عليهم عندما دخلوا المجمع.
وقال البيان إن “القوات ردت بالذخيرة الحية وتعرفت على الإصابات. وإنها تواصل العمل في منطقة المستشفى”.
وذكر بيان الجيش أن العملية استندت إلى معلومات استخباراتية تشير إلى أن كبار قادة حماس يستخدمون المستشفى.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل أكثر من 80 شخصا، من بينهم نشطاء من حماس، خلال مداهمة ليلية للمستشفى.
وأضاف أنه داهم المستشفى بعد تلقي معلومات استخباراتية تفيد بأن نشطاء حماس أعادوا تجميع صفوفهم وأقاموا مركز قيادة في المنشأة. وأضافت أنها سيطرت على المجمع.
وقال الجيش إن القوات تلقت تعليمات بشأن أهمية العمل بحذر، وبشأن الإجراءات التي يجب اتخاذها لتجنب الإضرار بالمرضى والمدنيين والعاملين الطبيين والمعدات الطبية، مضيفا أنه ليس مطلوبا من المرضى إخلاء المكان.
وقال بيان الجيش إن “أشخاصا يتحدّثون العربيّة أحضِروا إلى الموقع لتسهيل التواصل مع المرضى”، مشيرا إلى أنّ “المرضى والطاقم الطبّي غير ملزمين بالإخلاء”. وقالت القناة 13 الإسرائيلية إن الجيش “لم يعثر على رهائن إسرائيليين في المستشفى”.
ماذا قال الشهود والسكان؟
أكد شهود عيان ومصادر محلية لبي بي سي أن قوات الجيش الإسرائيلي اقتحمت فجر اليوم مجمع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة، وسط قصف جوي ومدفعي عنيف وإطلاق نار كثيف داخل المجمع وفي محيطه.
ودخلت دبابات وعربات عسكرية ثقيلة ساحات المجمع ما أدى لمحاصرة الآلاف داخل غرف وأروقة المستشفى، من بينهم مئات من المرضى والكوادر الطبية وآلاف النازحين.
وأضاف شهود عيان أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت طوال ساعات الفجر عدة مباني ومنازل محيطة بالمجمع الطبي، وأن دبابات تحاصر ثلاث مدارس في المنطقة تؤوي آلاف النازحين أيضا، وهناك محاصَرون أيضا في الشوارع والأحياء السكنية في المنطقة التي تقع غربي مدينة غزة.
ونقلت وكالة فرانس برس عن شهود عيان حدوث “عمليّات جوّية” على حي الرمال حيث يقع المستشفى.
وقال سكّان في هذا الحيّ إنّ “أكثر من 45 دبّابة وناقلة جند مدرّعة إسرائيليّة” دخلت الرمال.
كما تحدّث البعض عن “معارك” دارت في محيط المستشفى. ويُخاطب الجيش الإسرائيلي السكّان عبر مكبّرات صوت، طالبا منهم ملازمة منازلهم.
وأضاف شهود عيان أن “مُسيّرات تستهدف الناس في الشوارع قرب المستشفى”.
ماذا قالت حماس؟
أدانت حركة حماس مداهمة المستشفى ووصفتها بـ”العدوان وجريمة جديدة”.
وقالت الحركة في بيان نشرته الاثنين على قناتها على تيلغرام في 18 مارس/آذار إن إسرائيل “استهدفت بشكل مباشر” مباني المستشفى “دون أي اعتبار للمرضى والأطقم الطبية والنازحين بداخلها”.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن حريقا اندلع عند مدخل المجمع، مما أدى إلى حدوث حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين في المستشفى.
وأضافت أن الاتصالات انقطعت، وأن الأشخاص محاصرون داخل وحدات الجراحة والطوارئ في أحد المباني.
وقالت الوزارة: إن هناك “قتلى وجرحى، ومن المستحيل إنقاذ أحد بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ”، متهمة قوات الجيش بـ”جريمة أخرى تستهدف المؤسسات الصحية”.
هجوم سابق على المستشفى
وتعرضت إسرائيل لانتقادات حادة العام الماضي عندما دهمت قواتها المستشفى أول مرة، وقالت إنها اكتشفت أنفاقا قريبة مدعية أن حماس تستخدمها مراكز قيادة وسيطرة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد دخل مجمع الشفاء في 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وبات المرفق يعمل حاليا بالحدّ الأدنى وبأقلّ عدد من الموظفين.
وبعد تلك العمليّة الكبرى، قال الجيش الإسرائيلي إنّه عثر على “ذخيرة وأسلحة ومعدّات عسكريّة” لحماس في مستشفى الشفاء، وهو ما نفته الحركة الإسلاميّة.
وذكر الجيش الإسرائيلي أيضا أنّه اكتشف نفقا بطول 55 مترا قال إنّه يُستخدم “لأغراض الإرهاب” تحت مستشفى الشفاء في غزّة، ودعا الصحفيين إلى تفقّده.
ويعد مجمع الشفاء في مدينة غزة أحد المرافق الصحية القليلة المتبقية في القطاع المحاصر، ويتهم الجيش الإسرائيلي منذ فترة طويلة حركة حماس الإسلامية باستخدامه قاعدة لمقاتليه.
ونفت حماس ومسؤولو المستشفيات تلك الاتهامات.
وكان المستشفى محور اتهامات بارتكاب جرائم حرب من الجانبين، إذ اتهم الفلسطينيون إسرائيل باستهداف المستشفيات، وقالت إسرائيل إن المواقع تستخدم لإيواء مقاتلين مسلحين.
وشن الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب عمليّات عسكرية في مستشفيات عدّة في القطاع. وهو يتّهم حماس باستخدام المرافق الصحّية مراكز للقيادة.
وتقول الأمم المتحدة إنّ أقلّ من ثلث المستشفيات في قطاع غزة يعمل حاليا بشكل جزئي فقط.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية اليوم الاثنين عن ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 31,726 قتيلا
أغلبهم من الأطفال والنساء منذ بدء الحرب على غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
“غزة في حالة مجاعة”
قال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الاثنين إن إسرائيل تعمد إلى إحداث مجاعة في غزة وتستخدم التجويع سلاحا في الحرب، وهو اتهام رفضه وزير الخارجية الإسرائيلي.
وقال بوريل في افتتاح مؤتمر بشأن المساعدات الإنسانية لغزة في بروكسل: “في غزة لم نعد على شفا المجاعة، نحن في حالة مجاعة تؤثر في آلاف الأشخاص”.
وأضاف: “هذا غير مقبول. المجاعة تستخدم كسلاح حرب. إسرائيل تسبب المجاعة”.
وردا على ذلك، حث وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس بوريل على “التوقف عن مهاجمة إسرائيل والاعتراف بحقنا في الدفاع عن النفس ضد جرائم حماس”.
وقال كاتس في منشور على موقع إكس إن إسرائيل سمحت بدخول “مساعدات إنسانية واسعة النطاق إلى غزة عن طريق البر والجو والبحر لأي شخص يرغب في المساعدة”، لكن هذه المساعدة “تعرضت للعرقلة بعنف” من قبل مسلحي حماس “بالتعاون” مع وكالة الأونروا التابعة للأمم المتحدة.
وقال رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم إن الجوع في قطاع غزة “من صنع الإنسان”.
وأضاف المدير العام للأونروا فيليب لازاريني خلال مؤتمر صحفي في القاهرة مع وزير الخارجية المصري سامح شكري أنه يمكن حل الأزمة وتغيير اتجاهها من خلال الإرادة السياسية المناسبة ويمكن “إغراق” غزة بالطعام عبر المعابر.
ارتفاع عدد قتلى الفلسطينيين والإسرائيليين
أعلنت وزارة الصحة في غزة الاثنين عن ارتفاع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 31.726 قتيلا، أغلبهم من الأطفال والنساء منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكرت الوزارة أن الجيش الاسرائيلي ارتكب ما وصفته بثماني “مجازر” في القطاع خلال الساعات الـ24 الماضية، راح ضحيتها 81 قتيلا، و116 مصابا.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الاثنين عن مقتل جندي خلال العملية العسكرية في مستشفى الشفاء الطبي في قطاع غزة.
ويرتفع بذلك عدد قتلاه إلى 593 منذ بدء الحرب و250 منذ بداية العملية العسكرية البرية على القطاع.
ظهرت في الأصل على www.bbc.com