أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن جميع سكان غزة يعانون من “مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد”.
وقال بلينكن في مؤتمر صحافي في الفلبين حيث يجري زيارة رسمية: “بحسب أكثر المعايير الموثوقة، يعاني 100 بالمئة من سكان غزة من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تصنيف شعب بأكمله على هذا النحو”.
وتأتي تصريحات بلينكن عشية زيارة له إلى الشرق الأوسط، تشمل هذه المرة السعودية ومصر، لمناقشة جهود التوصل لوقف إطلاق النار وزيادة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وفي تقييم للأمن الغذائي نشرته وكالات متخصصة في الأمم المتحدة الإثنين، حذرت الهيئة الدولية من وضع غذائي “كارثي” لنصف سكان القطاع ومن مجاعة “وشيكة”.
ما الجديد في زيارة بلينكن؟
وقال بلينكن إن “مرحلة ما بعد الحرب في غزة” ستكون العنوان الذي يجمعه بقادة كبار في السعودية ومصر.
ليست هذه الزيارة الأولى لبلينكن منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأعلنت واشنطن دعمها لإسرائيل في ردها على هجوم حماس الذي أدى لمقتل 1200 شخص واحتجاز 200 رهينة في غزة وفق الجيش الإسرائيلي.
وقتلت إسرائيل أكثر من 31 ألف فلسطيني غالبتيهم من الأطفال والنساء منذ بدء ردها على الهجوم.
لم تتوقف الحرب في غزة سوى لأيام معدودة منذ بدايتها حين توصلت حركة حماس وإسرائيل لاتفاقية أولية تم بموجبها تبادل عدد من الرهائن مقابل نساء وأطفال فلسطينيين معتقلين في السجون الإسرائيلية.
وفي زيارة بلينكن الحالية وتلك السابقة تحدث عن جهود دبلوماسية للتوصل لاتفاق يضمن إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، وهدنة إنسانية تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ومتزايد للمدنيين في غزة.
ويعاني سكان القطاع من نقص مياه الشرب والكهرباء والغذاء وخاصة في شمال القطاع الذي يعاني سكانه من مجاعة لنقص وصول المساعدات الغذائية.
في وقت سابق قال القيادي في حماس أسامة حمدان لـ بي بي سي إن مطالب الحركة واضحة “أولا وقف العدوان وهذا يعني وقف العمليات العسكرية وانسحاب الاحتلال من كل الأراضي التي دخلها خلال العمليات بشكل كامل ونهائي، وأيضاً رفع الحصار وإدخال الإغاثة بشكل عاجل وفوري، والبدء في عملية واسعة مبرمجة ومحددة للإعمار، وموضوع التبادل يمكن أن يكون في أي لحظة بعد ذلك”.
بينما صرح نتنياهو أن مطالب حماس “خيالية”، وأعلن أن هدفه القضاء على الحركة.
“سيناريو ما بعد الحرب”
وتشهد الحكومة الإسرائيلية ومجلس الحرب خلافات حول خطة ما بعد حرب غزة.
وفي الثاني والعشرين من فبراير/شباط الماضي قدم نتنياهو خطة تنص على تفكيك حركتي حماس والجهاد الإسلامي وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، والإشراف الإسرائيلي الأمني على “كامل منطقة غرب الأردن”.
وجاء في النص تجريد غزة من السلاح، واحتفاظ الجيش الإسرائيلي “بحرية غير محددة زمنياً للعمل في جميع أنحاء القطاع لمنع عودة النشاط المسلح”، وإنشاء “منطقة فاصلة في الجانب الفلسطيني من الحدود”.
قوبل مقترح نتنياهو برفض من كل القوى الفلسطينية بما فيها السلطة الفلسطينية، ورفض أمريكي لإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية أن مجلس الحرب الإسرائيلي سيجتمع الليلة بعد عودة رئيس الموساد الإسرائيلي دافيد برنياع من الدوحة. وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استبعد الوزير بيني غانتس من قرارات صفقة التبادل. ووصفت الصحيفة العلاقات بين نتنياهو وغانتس بـ”السيئة” منذ بداية الحرب على غزة.
وصرح وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن الحسم العسكري واستسلام حماس هما الطريقة الوحيدة “لإعادة الرهائن والانتصار في الحرب”.
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري ان الأطراف “لم تقترب من التوصل إلى اتفاق لغاية اللحظة”، مشيراً إلى أن المفاوضات بشأن صفقة تبادل استؤنفت بمساراتها كافة في الدوحة. وأن هناك “تفاؤلا حذرا” في قطر بشأن المحادثات.
وأعلن الأنصاري أن رئيس جهاز الموساد غادر الدوحة بعد جولةٍ من المفاوضات، ولكنّ الفرقَ الفنية ما زالت مجتمعة في العاصمة القطرية وستستمرّ المشاورات في الأيام المقبلة. وفي الإحاطة الأسبوعية، أضاف الأنصاري أن محادثات الدوحة تركّز على تحقيق وقفٍ مؤقت لإطلاق النار وعلى إدخال المساعدات الإنسانية، وقال إن الوقت ما زال مبكرا للحديث عن أي خرقٍ أو نجاح، ولكننا متفائلون بحذر، على حد تعبيره.
ولفت الأنصاري إلى أن أي عملية على رفح ستؤدي إلى كارثة إنسانية وسيكون لها انعكاسٌ سلبيٌ على سير المحادثات، مشددا على وجوب تحميل إسرائيل مسؤولية سلامة المدنيين والمنشآت الصحية في قطاع غزة.
وفي ما يخص المساعدات الإنسانية، أكد المتحدث باسم الخارجية القطرية أن قطر تحاول قدر الإمكان ضمان استمرار دخول المساعدات بمختلف الأشكال إلى قطاع غزة، مشيرا إلى أنه لا يمكن القبول بواقع أنّ غزة على أبواب مجاعة كما قالت الأمم المتحدة، تحت أنظار المجتمع الدولي.
ودعا منسّق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث إسرائيل للسماح بدخول المساعدات من دون قيود إلى القطاع المحاصر قائلاً إن “الوقت يداهمنا”.
من جانبه، حذر الرئيس الأمريكي جو بايدن من أن هجوماً برياً واسع النطاق للجيش الإسرائيلي في رفح سيشكل “خطأ”، في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو الأول منذ شهر.
وقال البيت الأبيض إن نتنياهو وافق على طلب بايدن إرسال وفد من مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى إلى واشنطن لمناقشة هذا الهجوم و”نهج بديل” محتمل.
وقال نتنياهو إنه أكد لبايدن تصميم إسرائيل على “تحقيق جميع أهداف الحرب” بما في ذلك “القضاء على حماس”.
ويواجه الرئيس الأمريكي انتقادات متزايدة بسبب ارتفاع حصيلة القتلى الفلسطينيين والوضع الإنساني المتدهور في غزة حيث تحذّر الأمم المتحدة من خطر المجاعة.
وكان بايدن قد أشاد الجمعة بـ”الخطاب الجيّد” الذي ألقاه زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر ودعا فيه لإجراء انتخابات في إسرائيل.
ومع تحذير الأمم المتحدة من مجاعة وشيكة في غزة، أمر بايدن القوات الأمريكية بالمباشرة بإلقاء المساعدات الإنسانية من الجو لسكان قطاع غزة، كما أمر بإنشاء ميناء موقت قبالة القطاع لرسو سفن المساعدات الإنسانية.
وحذر تقرير تدعمه الأمم المتحدة من تفشي المجاعة في شمال القطاع المدمر والمعزول بحلول أيار/مايو، في غياب تدخل عاجل. وأفاد أن “كل الأدلة تشير إلى تسارع كبير في الوفيات وسوء التغذية”.
ورد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالقول إن “إسرائيل تسمح بدخول مساعدة إنسانية كبيرة إلى غزة براً وجواً وبحراً”.
ولم تسمح السلطات الإسرائيلية الإثنين بدخول المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني إلى قطاع غزة المحاصر، وفق ما أعلن.
ظهرت في الأصل على www.bbc.com