تصريحات “حادة” لبايدن إزاء عدوان غزة.. هل تعبر عن تغير في موقف أميركا؟

قال الرئيس الأميركي جو بايدن: إن سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قطاع غزة خاطئة، داعيًا الحكومة الإسرائيلية إلى وقف إطلاق النار في القطاع.

وقد جاءت تصريحات بايدن بعد أيام قليلة من مكالمة أجراها مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووصفتها مصادر سياسية وإعلامية أميركية وإسرائيلية بأنها الأكثر حدةً منذ بداية العدوان على غزة.

وأفادت تسريبات، بأن بايدن طلب من نتنياهو أثناء المكالمة التوصل لاتفاق مع حماس لوقف إطلاق النار، وتغيير سلوك الجيش الإسرائيلي في الحرب وإدخال المساعدات دون قيود، تحت تهديد مراجعة السياسات الأميركية الداعمة لإسرائيل.

غضب إسرائيل من واشنطن

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد استشاطت غضبًا من واشنطن بسبب عدم استخدامها حق النقض “الفيتو” لتعطيل قرار مجلس الأمن الصادر في 25 مارس/ آذار الماضي، والقاضي بوقف الحرب على غزة، ما اعتُبر على الساحة الدولية تحولًا في الموقف الأميركي تجاه الحرب في غزة، جاء في حقيقته مدفوعًا بدوافعَ عدة.

وفي مقدمة هذه الأخيرة الاستياء الدولي المتزايد من الجرائم الإسرائيلية في غزة، والأوضاع المأساوية في القطاع، فضلًا عن مطالبة معظم قادة العالم بوقف الحرب وإغاثة القطاع، ومراجعة كثير من الدول الداعمة للعدوان، سياساتها تجاه إسرائيل.

لكن ثمة عامل آخر أكثر أهمية في هذا التحوّل، بل هو حجر الزاوية فيه، ألا وهو الحسابات الانتخابية للرئيس الأميركي جو بايدن، الساعي للفوز بولاية ثانية في خضم انتخابات الرئاسة 2024.

وقد ذكرت تقارير أميركية أن مستشاري بايدن وأقطاب الحزب الديمقراطي، أدركوا أن دعم الإدارة الأميركية اللامحدود للحرب الإسرائيلية على غزة أضر بصورة بايدن وسحب من رصيده الكثير.

في سياق ذلك، أشارت استطلاعات للرأي، بينها ثلاثة نُفذت حصريًا لمجلة نيوزويك، أن شعبية الرئيس جو بايدن في تدنٍ مستمر بين الناخبين الأميركيين، بسبب عدم رضاهم بشكل متزايد عن طريقة تعامله مع الحرب على غزة ودعمه لإسرائيل.

فما حقيقة تغير الموقف الأميركي من الحرب الإسرائيلية ضد غزة، وما هي العوامل التي أدت لهذه الانعطافة إن صحت؟

“لا تعكس تحولًا في الموقف”

يعتبر ريتشارد غودستين، المخطط الإستراتيجي في الحزب الديمقراطي، أن تصريحات بايدن وأركان إدارته المتتالية لا تعكس تحولًا في موقف الإدارة من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ويقول في حديثه إلى “العربي” من واشنطن، إن ما يحاول بايدن القيام به هو إرسال إشارة بأن على الإسرائيليين إيجاد طريقة للوصول إلى انتخابات جديدة ورئيس وزراء جديد.

ويلفت إلى أن بايدن يتحدث عن وقف إطلاق نار مؤقت وليس مستدامًا يجعل حماس أكثر قوة، وفق تعبيره.

“لا تأثير كبير لتصريحات بايدن”

بدوره، يعيد أنطوان شلحت، الباحث في الشأن الإسرائيلي، التذكير بأن حجر الزاوية في كل تصريحات بايدن هو وضعه الداخلي.

ويلفت في حديثه إلى “العربي” من عكا، إلى أن موضوع الحرب على غزة تحوّل إلى نقطة رئيسية في السياسة الأميركية الداخلية على خلفية الانتخابات القريبة. ويضيف: “في إسرائيل لا أعتقد أن هناك مخاوف جادة من كل هذا الموقف الذي يبديه بايدن”.

كما يشير إلى أن الساسة المعارضين لنتنياهو يعتقدون بدورهم أن تصريحات بايدن تأتي كضريبة كلامية من أجل أن ينأى بنفسه ربما عن بعض المواقف التي تبعد الكثير من الناخبين، خصوصًا بين الأجيال الشابة، عن الحزب الديقراطي، وكذلك بسبب المعارضة للدعم المطلق والمشاركة الفعلية في الحرب على غزة.

ويوجز الأمر بالقول: “لا يبدو من متابعتي للشأن الإسرائيلي أن هناك تأثرًا كبيرًا بهذه التصريحات”.

“الإدارة الأميركية محرجة”

من جانبه، يشير خليل جهشان، مدير المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، إلى أن الشق الإنساني لهذه الأزمة هو ورقة التين التي تغطي عورة السياسة الأميركية في غزة.

ويشير في حديثه إلى “العربي” من واشنطن، إلى أن القضية الإنسانية هي القضية الأسهل للإدارة الأميركية بالتركيز عليها داخل الولايات المتحدة، دون أن تدفع ثمنًا لانحيازها للطرف الإسرائيلي.

لكنه يبيّن أن اتباع هذه السياسة منذ السابع من أكتوبر لم ينجح، لذلك نرى أن الإدارة الأميركية محرجة وربما مضطرة على الأقل لتصعيد وتيرة الانتقادات لإسرائيل.

ويقول: “لا أعتقد أن بايدن جاد بالنسبة لإيقاف الحرب، وهو لم يطالب بذلك”. ويوضح أن “ما تفوّه به الرئيس الأميركي بالأمس واليوم يخصّ مجريات مفاوضات القاهرة”، مذكرًا بأن بايدن يريد وقفًا “مؤقتًا” لإطلاق النار.

ظهرت في الأصل على www.alaraby.com

Leave a Comment